صحة عامة

الاختلاج الحراري عند الاطفال

يتعرض الأطفال لارتفاع الحرارة الناجم عن الإنتانات الجرثومية أو الفيروسية أو غيرها، وهذا قد يسبب قلقًا للأهل، إلا أنه في بعض الحالات قد يترافق ارتفاع الحرارة مع تشنجات واختلاجات تشبه الصرع مما يؤدي بالأهل لمراجعة قسم الطوارئ في المشفى وهم بحالة ذعر وهلع شديدين، مع أن هذه الحالة غالبًا ما تكون سليمة، ولذلك سنعرف قرّاءنا على هذه الحالة المرضية وطريقة علاجها.

 

 

 

 

 

ما هو الاختلاج الحراري؟

هو نوبة من الاختلاج مع غياب وعي ترافق الحمى (> 39 درجة مئوية)، تحدث عند 3-5% من الأطفال بعمر بين 6 شهور و 5 سنوات، وتصل لذروة حدوثها بعمر 16-18 شهرًا، وتبلغ نسبة نكسها بعد النوبة الأولى 50% عند الأطفال الأقل من سنة، وحوالي 30% عند الأطفال الذين هم فوق السنة، وتزداد نسبة النكس بوجود أحد الوالدين أو الأخوة المصابين بالاختلاج الحروري أو بالصرع، وكذلك عندما تحدث النوبة بعمر أقل من 14 شهرًا، أو بوجود حمى منخفضة نسبيًا.

كيف تتظاهر نوبة الاختلاج الحراري السليمة؟

يصاب الطفل المصاب بالحمى بتشنج مفاجئ في جسمه وتتجه عيناه للأعلى (تغريب العينين)، وقد تنتهي النوبة عند هذا الحد في الحالات الخفيفة، أما في الحالات الشديدة فينتشر التشنج إلى كامل الجسم بشكل نفضات وحركات رجفانية خشنة (اختلاج) مع فقدان وعي وصعوبة بالتنفس وزرقة شفاه، ولا تعكس شدة الأعراض درجة الحرارة عادة.

تستمر النوبة من عدة ثوان وحتى 10 دقائق كحد أقصى، وتزول لوحدها حتى قبل أن يصل الأهل إلى المشفى في معظم الأحيان، ولكن يعاني الطفل من الخمول والكسل بعد النوبة لبعض الوقت إلى أن يعود وعيه طبيعيًا.

تسمى الحالات التي تتصف فيها النوب بالمواصفات التي ذكرناها بالنوب البسيطة، وهي الأكثر شيوعًا ولا تحتاج لأي صور أو تحاليل أو غيرها.

وهناك حالات تسمى بالمعقدة أو الخطيرة وتحتاج للصور والتحاليل لتحديد السبب؛ إذ لا تكون الحرارة مرتفعة، أو تدوم النوبة لأكثر من 10 دقائق، أو يكون التشنج مركزًا في جزء من الجسم، أو تتكرر النوبة لأكثر من مرة في اليوم، أو تحدث عند الطفل بعمر أقل من 9 شهور أو أكثر من 6 سنوات، أو يكون هناك حالات صرع عند أقارب الطفل.

ما هي أسباب الاختلاج الحراري؟

يحدث الاختلاج نتيجة فرط الاستثارة المخية، بسبب الارتفاع الشديد والمفاجئ لدرجة حرارة الجسم (إنتان فيروسي أو جرثومي أو إعطاء اللقاح)، لكنها قد تحدث عندما تكون الحمى آخذة بالانخفاض.

ما الذي يجب أن يفعله الأهل أثناء النوبة؟

يجب حماية الطفل من الشردقة والاختناق إن حدث إقياء وذلك بوضعه على الجانب الأيمن وإمالة رأسه قليلًا، مع الامتناع عن وضع أي شيء في فمه، ويجب إرخاء أي لباس ضيق يحدد حركة الطفل، وعدم معارضة حركاته، وكذلك إعطاؤه تحميلة خافضة للحرارة، وإسعافه لأقرب مستوصف أو مشفى، ومن المفيد تسجيل وقت بدء النوبة ووقت توقفها لتحديد مدتها بشكل صحيح.

 

 

 

 

 

كيف يتم العلاج في المشفى؟

عادة تتوقف النوبة عفويًا، ولكن عند الوصول للمشفى في حال استمرار الاختلاج يجب التزويد بالأوكسجين، ومص المفرزات إن وجدت من الفم والأنف، وفي حال وجود الحرارة يجب إعطاء خافض مناسب و البدء بالكمادات الفاترة و مغطس ماء فاتر مع تجنب الثلج مطلقًا، أثناء تخفيض الحرارة خشية إصابة الطفل بقصور تنفسي مفاجئ، و في حال استمر الاختلاج يجب إعطاء ديازيبام (فاليوم) أو لورازيبام وريديًا أو على شكل حقنة شرجية.

كيف تكون المتابعة بعد علاج النوبة الحادة؟

يجب أن تقتصر على إجراء التحاليل والصور الشعاعية والبزل القطني وتخطيط كهربائية الدماغ والرنين المغناطيسي للرأس على حالات خاصة يقررها الطبيب بحسب الموجودات السريرية.

وفي حال كانت النوبة طويلة الأمد وترافقت مع إنتان شديد أو في حال كان مصدر الإنتان غير محدد، قد يرغب الطبيب بإبقاء الطفل في المشفى للمراقبة، و لكن الإقامة في المشفى لا تطلب بشكل روتيني بالنسبة للنوبة الحموية البسيطة.

ويجب أن يطمئن الأهل إلى أنه من النادر جدًا أن تترافق الاختلاجات الحرورية مع أذية دماغية أو تسبب صرعًا أو تخلفًا عقليًا أو اضطرابًا في التعلم.

كيف يمكن الوقاية من تكرار نوب الاختلاج الحراري؟

يكون دور الأهل في الوقاية هو السيطرة على ارتفاع الحرارة، لكن غالبًا ما يحدث الاختلاج في اليوم الأول للمرض وقبل أن ينتبه الأهل إلى أن طفلهم مريض، ومع ذلك يجب عليهم إعطاء خافضات الحرارة (سيتامول – بروفين) عند وجود أي مشعر يدل على وجود ارتفاع الحرارة وكذلك وضع الكمادات إذا كانت درجة الحرارة 38.5 مئوية فما فوق.

أما استخدام الأدوية المضادة للاختلاج (فينوباربيتال – ديباكين – فاليوم…) فقد يقي من تكرار النوبة إذا ما أعطيت بشكل يومي، إلا أن استخدامها نادر لأنها تملك آثارًا جانبية على الأطفال الصغار كالتهيج وفرط النشاط.

 

 

 

 

طرق خفض الحرارة

قبل مُحاولة خفض حرارة الطّفل لا بدّ من معرفة أسباب ارتفاع درجة حرارة جسمه ومُعالجتها.

لا داعِ للقلق إذا كان نشاط الطّفل طبيعيّاً، لكن إذا ارتفعت درجة الحرارة كثيراً وأصبحت مُزعجة للطّفل لا بدّ من التدخّل والعمل على خفضها.

يتساءل كثيرٌ من الآباء عن الطّريقة الأمثل الواجب اتّباعها من أجل تخفيف درجة الحرارة لدى الأطفال.

والحقيقة أنّه ليست هناك طريقة مُعيّنة، وإنّما عدّة طرق، منها:

وضع كمّادات مُبلّلة بماء بارد على جبين الطّفل.

اجراء حمّام فاتر له، أو وضعه في مغطس ماء فاتر؛ عند تبخّر الماء من الجلد ستنخفض درجة حرارة الجسم.

يجب عدم استخدام الماء البارد؛ لأنّه يُسبّب الرّجفة التي ستؤدّي إلى ارتفاع درجة الحرارة مُجدّداً، كما يجب تجنُّب فرك الجسم بالكحول؛ لأنّه يرفع درجة الحرارة وقد يُسبّب تسمماً للطّفل.

إعطاء الطّفل الكثير من السوائل، والأطعمة المُنعشة للمساعدة في تهدئة الجسم من الدّاخل الى الخارج وإبقائه رطباً.

التّخفيف من ملابس الطّفل وأغطيته.

المُحافظة على درجة حرارة المنزل مُنخفضة، وإبقاء الطّفل داخل المنزل، والحرص على أن يكون في الظلّ إذا كان خارج المنزل.

تناول الثّوم كطريقة وقائيّة لمُحاربة العوامل التي أدّت إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، حيث إنّ الثّوم فعّال في القضاء على الجراثيم والفطريات، ويعالج الحمّى.

استخدام خل التفّاح لخفض حرارة الطّفل؛ حيث يُمكن بلّ قطعةٍ من القماش بمزيجٍ من خلّ التفّاح والماء ووضعها على مِعصم الطّفل وقدميه.

استخدام الأدوية المشهورة لخفض درجة الحرارة، مثل الأسيتامينوفين والإيبوبروفين وغيرها، حيث تكون فعّالة في خفض درجة الحرارة بالتّزامن مع تناول مُضادّ للالتهابات لمعالجة سبب الارتفاع في الحرارة.

مقالات ذات صلة