الدوار الدهليزي…ماهو وكيف يعالج؟
يستعمل الناس عادةً مصطلح الدوخة لوصف العديد من الأحاسيس التي يعانون منها، فأحيانًا يكون للتعبير عن خفة الرأس أوعدم الثبات والاستقرار أو الإغماء، وهو ما يسمى بـ الدوام (Dizziness)، والذي قد يكون مصدره نفسيًا كحالات الخوف مثلًا، أو بسبب مشاكل عصبية مختلفة أو مشاكل قلبية وعائية أو غيرها.
وكذلك تستخدم كلمة الدوخة عند ظهور إحساس أو وهم بحركة ودوران، وهو ما يسمى بـ الدوار (Vertigo)، والذي ينتج عادة عن اضطراب في الجهاز الدهليزي المسؤول عن حفظ التوازن، وهو ما سنتحدث عنه في هذه المادة.
ما هو الدوار الدهليزي وما أسبابه؟
هو إحساس المريض بحركة ودوران الجسم أو المكان أو الاثنين معًا، وكأن العالم كلّه يدور وينقلب، ما يؤدي إلى عدم القدرة على حفظ التوازن، وكل حالات الدوار قد يصاحبها غثيان وإقياء وخفقان بالقلب ورأرأة عينية وشحوب بالوجه وتعرق وإحساس بالرغبة في الذهاب إلى الحمام لقضاء الحاجة.
السبب المباشر للشعور بالدوار هو حدوث خلل في وظائف الأذن الداخلية المسؤولة عن الإحساس بالتوازن، ويحدث ذلك لأسباب متعددة قد تكون: أمراض الأذنين، أو أمراض في عصب التوازن الدهليزي، وهو ما يسمى بالدوار المحيطي، أو بسبب أمراض في الجهاز العصبي المركزي، وهو ما يسمى بالدوار المركزي.
أكثر الأسباب الشائعة للدوار المحيطي تشمل دوار الوضعة الانتيابي الحميد، ومرض مينير، والتهاب العصب الدهليزي (التهاب التيه)، بعض الأدوية السامة للأذن، الأورام، رضوض الأذن، والتهابات الاذن.
وأكثر الأسباب الشائعة للدوار المركزي هو الصداع النصفي والذي يشار إليه كثيرًا بالصداع النصفي الدهليزي، بينما تشمل الأسباب الأخرى زوال الميلانين والأورام السمعية أو الإصابات الوعائية لجذع المخ أو المخيخ.
كيف يمكن التمييز بين الدوار المحيطي والدوار المركزي؟
في الدوار المحيطي تكون البداية مفاجئة، ودون أن يفقد المريض وعيه، والسبب عادة مرض بالأذن الداخلية، وخاصة عند وجود فقدان بالسمع أو ضغط بالأذن أو طنين، أو تكون بسبب مرض في الأذن الوسطى مؤثر على الأذن الداخلية. وقد يكون السبب هو التهاب العصب الدهليزي وعندها لا يشكو المريض من أي علامة سمعية (نقص سمع أو طنين).
وعندما تستمر نوبات الدوار لثوان وتكون مصحوبة بتغيرات بوضع الرأس والجسم تكون بسبب ما يسمى دوار الوضعة الانتيابي الحميد، أما عندما تستغرق النوبات ساعات أو أيامًا فيحتمل أن تكون بسبب التهاب العصبون الدهليزي أو بسبب داء مينير، والمرضى بدوار محيطي يستطيعون الانتقال في العادة أثناء النوبات ويكونون على دراية بما حولهم.
في الدوار المركزي تكون البداية تدريجية للأعراض، تستمر النوب عادة لمدة 20 دقيقة وحتى 24ساعة، وينتج الدوار عن نقص تروية جذع المخ أو المخيخ، ويكون مصحوبًا عادة بعلامات عصبية مثل ازدواج الرؤية، وصعوبة البلع، والغثيان، والرتة الكلامية، و الأشخاص الذين لديهم مرض بالمخيخ يكونون غير قادرين على الانتقال أثناء النوبات الحادة للدوار ويعانون من الترنح في المشي.
ما هو دوار الوضعة الانتيابي الحميد؟
هو حدوث نوبات قصيرة من الدوار بسبب تغيير وضعية الرأس أو الجسم، تنجم، عادةً، عن انفصال بلورات من منطقة تسمى القُريبة ودخولها إلى إحدى القنوات نصف الدائرية في التيه الدهليزي، كما قد يشعر المريض بإحساس متبقٍّ من عدم التوازن بين النوبات، وفيه يتحسن المريض في غالبية الحالات خلال أسابيع أو أشهر.
ما هو مرض التهاب العصب الدهليزي؟
يسمى أيضًا بالتهاب التيه، وهو التهاب يصيب العصب الدهليزي في الأذن الداخلية، وهو العصب المسؤول عن نقل إشارات جهاز التوازن من الأذن الداخلية إلى الدماغ. ويعتبر أحد أسباب الدوار، كما يؤدي إلى فقدان التوازن، وفقدان السمع في الأذن المصابة.
يعتبر المرض محدودًا ذاتيًا، ويعتقد أن العدوى الفيروسية هي السبب الأساسي للالتهاب، فمعظم الحالات تظهر بعد عدة أسابيع من الإصابة بعدوى فيروسية تؤدي للزكام، كما أنه قد يحدث بسبب الحساسية، والتهاب الأذن الوسطى، والورم الكوليستيرولي الذي يصيب الأذن. وما يزيد من احتمال الإصابة بالتهاب العصب الدهليزي: الحساسية، الكحول، التدخين، التهاب الأذن حديثًا أو التهاب جهاز التنفس.
كيف يتم تشخيص الدوار الدهليزي وسببه؟
في الاستجواب يتم سؤال المريض عن التاريخ المرضي لكدمات سابقة بالرأس أو مرض بالأذن أو جراحة سابقة، كما يتم سؤاله عن تأثير الدوار على أنشطة الحياة اليومية في العمل والمنزل، ويكون الكشف عن وجود قلق أولي أو اكتئاب له أهمية، وكذلك يتم السؤال عن الوصفات الطبية الدوائية والتدخين أو تناول أي علاجات للتعرف على الأعراض التي يمكن أن يسببها استعمال هذه المواد.
أما الفحص الجسماني فيشمل العلامات الحيوية وقياس ضغط الدم في وضع الاستلقاء والوقوف وتقييم القلب والدورة الدموية والجهاز العصبي وفحص الأذن لاستبعاد وجود عدوى ظاهرة أو التهاب بالأذن الخارجية أو الوسطى، واختبار السمع (باستخدام شوكة رنانة وبالهمس)، وأيضًا يفحص مدى حركة الرقبة ومرونتها، ويتم التركيز في فحص الجهاز العصبي على الأعصاب القحفية والحركة والإحساس والمشية والوقفة، كما يتم إجراء اختبارات للمخيخ وخاصة المتعلقة بحركة العين لكشف وجود رأرأة بالعين (لليمين أو اليسار) والذي يشير إلى وجود خلل مركزي الأصل.
كيف يعالج الدوار الدهليزي؟
العلاج أثناء الأزمات:
1- الراحة التامة، الحفاظ على وضعية الرأس، تجنب الحركات الفجائية وتغيير الوضعية، تجنب الضجيج، تجنب التلفاز والأضواء الشديدة.
2- إعطاء مثبطات الدهليز مثل ديمينهدرامين (كرافول)، ومضادات الإقياء مثل بروميتازين وميتكلوبراميد، والكورتيزونات، ومضادات الفيروسات، والمهدئات مثل ليكسوتان وفاليوم، مع التأكيد على إيقاف مثبطات الدهليز بأسرع وقت ممكن لتسهيل عملية التعويض الدهليزية المركزية.
3- إعطاء مضادات الهيستامين مثل بيتاهيستين (بيتاسيرك) أو نبات جينكو بيلوبا، وكلها تحسن جريان الدم في الأذن الداخلية.
4- في مرض مينير تعطى مدرات البول مع العلاج التحفظي بتقييد الملح.
العلاج الدائم:
1- يتضمن العلاج الأساسي معرفة السبب وعلاجه، سواء بالعقاقير أو العلاج النفسي أو التدخل الجراحي.
2- تناول أدوية تساعد على رفع كفاءة الأذن الداخلية.
3- في دوار الوضعة الحميد يكون العلاج وظيفيًا، بإجراء حركات للرأس خاصة تعيد البلورات إلى مكانها وتوقف نوبات الدوار.
ويُنصح مرضى الدوار عمومًا بالابتعاد عن الأماكن المرتفعة الخطيرة والتي تستلزم درجة عالية من التحكم في اتزان الجسم.