أمراض وعلاجاتها

الكساح عند الأطفال.. المرض الذي يسبب تأخر ظهور الأسنان وتقوس الساقين

كثيرًا ما يراجع الأهل عيادات الأطفال بشكوى وجود تقوس في سيقان أطفالهم، وخاصة بعد أن يبدأ الأطفال المشي بعمر السنة إلى السنتين، ومع أن معظمهم يكون قد شاهد أو سمع عن أطفال أصيبوا بهذه المشكلة، إلا أنهم يتخوفون من أنها قد تسبب شللًا يصيب الجسم، أو أن تترك تشوهًا لا يمكن علاجه، لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، فتقوس الساقين هو أحد أعراض مرض الكساح عند الأطفال، وسنحاول هنا التعريف بهذا المرض، وأسبابه، وطرق علاجه، والوقاية منه.

ما أسباب الإصابة بمرض الكساح؟

أهم أسباب هذا المرض وأكثرها شيوعًا هو نقص “فيتامين د” أو الخلل في تصنيعه أو أدائه لوظيفته، لأن هذا الفيتامين يزيد مستويات الكالسيوم والفوسفور في الدم عن طريق زيادة امتصاص أملاح الكالسيوم والفوسفور من الأمعاء وتقليل إفرازها مع البول، ومن ثم انتقالها لبناء العظام وتحويل الأجزاء الغضروفية اللينة منها إلى أجزاء عظمية صلبة مما يسمح ببناء الهيكل العظمي.

ومن الأسباب الأخرى:

– نقص الكالسيوم والفوسفور في الغذاء.

– أسباب وراثية مرتبطة بالجينات، كالإصابة بمرض نقص الفوسفات الوراثي.

– ويتعرض الأطفال الخدج للإصابة أكثر من غيرهم لأن الجزء الأكبر من تكوين عظام الجنين يتم في المرحلة الأخيرة من الحمل، ولازدياد حاجاتهم للتعويض نتيجة لسرعة النمو.

– كما أنه إذا كانت الأم تعاني من انخفاض مستويات “فيتامين د” أثناء الحمل، فقد يصاب طفلها الرضيع بتلين العظام عند الولادة، وهذا غالبًا ما يشار إلى أنه لين عظام خلقي.

  • كذلك تزداد نسبة الإصابة بالكساح عند أخذ بعض الأدوية لفترة طويلة كالكادميوم، والليثيوم، والحديد، والفلوريد، والألمنيوم، وبعض أدوية مضادات الصرع.

ما أسباب نقص “فيتامين د” أو الخلل في تصنيعه أو أدائه لوظيفته؟

– عدم التعرض لأشعة الشمس، فالجلد يعمل على تصنيع “فيتامين د” عند التعرض للشمس، ويصاب الأطفال بنقص الفيتامين في المناطق التي لا تسطع فيها الشمس لفترات طويلة، والأطفال المقيمون في المنازل لفترات طويلة خلال النهار ويحرمون من أشعة الشمس، والأطفال ذوو البشرة الداكنة (من الأصول الآسيوية والأفريقية الكاريبية والشرق أوسطية)، لأن جلودهم أقتم ويحتاجون إلى المزيد من أشعة الشمس للحصول على ما يكفي من “فيتامين د”.

– نقص “فيتامين د” في الغذاء، بسبب عدم تناول الأغذية الحاوية عليه بكميات كافية (الحليب ومشتقاته، كاللبن، والجبنة، والزبدة، والقشطة، والبيض، وزيت السمك، والكبد)، أو اتباع أنظمة غذائية نباتية، أو الأطفال الذي يرضعون رضاعة طبيعية، فحليب الأم لا يحتوي ما يكفي الجسم من “فيتامين د”.

– قصور الغدد جارات الدرق، لأن هرمون الغدد جارات الدرقية يساعد على تصنيع “فيتامين د”، وهنا تجدر الإشارة إلى أن نقص الكالسيوم في الدم يحفز إفراز الغدد جارات الدرقية لهرمونها، والذي يعمل على زيادة الكالسيوم في الدم بطريقة مشابهة لـ “فيتامين د”.

– سوء الامتصاص في الأمعاء، كحالات الالتهابات المتكررة في الأمعاء عند الأطفال، أو الاضطرابات التي تقلل امتصاص وهضم الدهون والتي تؤدي لصعوبة امتصاص “فيتامين د” في الجسم، أو سوء الامتصاص الذي ينتج عن عدم تحمل الأطفال للحليب (اللاكتوز)، أو مقاومة امتصاص “فيتامين د” (وهو ما يعرف باسم mc cance ويترافق مع نقص في الفوسفور وزيادة الأحماض الأمينية في الدم).

– اعتلال الكلية مثل القصور الكلوي أو الحماض الكلوي الأنبوبي.

  • اضطرابات الكبد، حيث يفشل الكبد في تحويل “فيتامين د” إلى صورته الفعالة.

ما أعراض الإصابة بالكساح؟

تظهر الأعراض بعد نقص “فيتامين د” لعدة أشهر، وتزداد شدتها مع تأخر علاج الحالة، وتؤدي إلى تأخر النمو، وأهم هذه الأعراض:

– بعمر بين 6 و12 شهرًا يتظاهر المرض باستمرار اتساع منطقة اليافوخ، مع ازدياد حجم الرأس، وبروز الجبهة، وتغير شكل الرأس الدائري، مع تأخر أو عدم ظهور الأسنان، أو تشوهها، وحفر مينا الأسنان، والتسوس.

– وبعد عمر السنة تتضخم نهايات عظام الأطراف حول الرسغ والكاحل، ومع بدء الطفل بالمشي تظهر انحناءات في العظام الطويلة للأطراف العلوية والسفلية تبدو بشكل أوضح في تقوس السيقان للخارج (فحج) أو للداخل حتى تتلامس الركبتان (روح).

– ظهور نتوءات على شكل مسبحة في أطراف الأضلاع على مقدم الصدر.

– بروز عظام الصدر إلى الأمام لتعطي شكلًا شبيها بصدر الحمام.

– وجود تقعر في الجزء السفلي من الصدر على امتداد ارتباط الحجاب الحاجز بجدار الصدر من الداخل، ويسمى تقعر أو أخدود هاريسون (هاريسون هو الطبيب البريطاني الذي وصف هذا الأخدود).

– انحناءات في العمود الفقري جانبية (جنف) أو أمامية (حدب).

– تأخر نمو عظام الحوض مع حدوث تشوهات متنوعة.

– ارتخاء وليونة أربطة المفاصل.

  • تأخر نمو العضلات وضعف عام، بحيث يتأخر الطفل في الزحف والحبو والجلوس والوقوف والمشي، كما يؤدي نقص أملاح الكالسيوم إلى تقلصات عضلية وحالات نقرزة و تشنج متكررة.

كيف يتم تشخيص الإصابة بالكساح؟

الفحص البدني: يكشف عن أعراض وعلامات المرض.

التصوير الشعاعي: تظهر بعض الخطوط الغامقة المتعرجة في المنطقة العلوية لعظام الأطراف، وعلامات تأخر في نمو العظام والتحام الغضاريف، وتأخر عمر عظمي، وظهور بعض العقد على الأضلاع، وظهور بعض التشققات أو الكسور البسيطة.

الفحوصات المخبرية: يكون الكالسيوم في مصل الدم منخفضًا أو طبيعيًا، ويكون الفوسفور كذلك منخفضًا أو طبيعيًا، وغالبًا ما يكون كالسيوم البول منخفضًا، بينما تكون الفوسفات القلوية مرتفعة، ويكون هرمون الغدد جارات الدرقية مرتفعًا، مع وجود فقر دم، وقد يكون “فيتامين د” منخفضًا حين يكون السبب هو نقص “فيتامين د”، أو قد يكون الفيتامين طبيعيًا كما في حالة وجود مقاومة في مستقبلات “فيتامين د”.

ما طرق العلاج؟

في حالات نقص “فيتامين د” نتيجة نقص التغذية أو قلة التعرض للشمس يتم علاج المرض بتعويض الفيتامين عن طريق الفم، إذ يعطى الطفل جرعة مقدارها 125 – 250 ميكروغرام (10 مكغ = 400 وحدة) يوميًا لمدة شهرين إلى ثلاثة، أو العلاج ليوم واحد فقط في الحالات المزمنة، ويظهر التحسن المخبري بعد أسبوع واحد من بدء العلاج.

أما الأسباب الأخرى لمرض الكساح، وهي قليلة، فيتم علاجها بحسب كل حالة، فقد يحتاج المريض إلى تعويض دائم لـ “فيتامين د”، أو يحتاج إلى تعويض دائم لأملاح الكالسيوم والفوسفات.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالكساح؟

من السهل الوقاية منه بالتأكد من تناول الأطفال وجبات غذائية متوازنة، تحتوي على كثير من “فيتامين د” الموجود بالأسماك الدسمة والكبدة والبيض وبعض السمن الصناعي وبعض الحبوب النباتية، وتناول منتجات الألبان والخضراوات الطازجة والخبز الأسمر والفاكهة المجففة والفول والعدس ومكملات الفيتامينات.

كذلك يجب التعرض لأشعة الشمس، حيث يمكن الحصول على “فيتامين د” الذي يتشكل تحت الجلد عند تعرضه للشمس، وينصح بتعريض الأيدي والوجه للشمس الطبيعية من 10 إلى 15 دقيقة أثناء اعتدال حرارة الشمس في بداية النهار أو نهايته، ولعدة مرات أسبوعيًا.

كما توصى الحوامل والمرضعات بأخذ الفيتامينات والغذاء المناسب لمنع حدوث المرض لدى المواليد.

وإذا كان الطفل معتمدًا فقط على الرضاعة الطبيعية فيجب إضافة “فيتامين د” أثناء فترة الرضاعة وبمعدل 400 وحدة يوميًا.

مقالات ذات صلة